The Universe as a Living Being: The Story of Birth…Life…Death

الكون ككائن حي: قصة الميلاد… الحياة… الموت

الكون ليس مجرد مساحة شاسعة مليئة بالكواكب والنجوم والمجرات، بل هو كائن حي ينبض بالحياة. منذ لحظة ميلاده، في انفجار عظيم أدى إلى تشكل المادة والطاقة، بدأ الكون في رحلة طويلة من التطور والنمو. هذه الرحلة تتجاوز حدود العلم التقليدي لتلامس روح العالم، حيث يمكننا أن نرى الكون ككائن يتنفس ويتفاعل مع كل ما يحتويه.

أقوى لغة يمكن أن يتحدث بها هذا الكائن الحي ليست لغة ذات كلمات وأصوات، بل هي لغة تتخطى الحروف والمفردات. هي لغة الكون التي تنبض في كل شيء حولنا، من صوت أمواج البحر إلى ملمس الرمال الساخنة تحت أقدامنا. هي لغة الأشجار التي تخبرنا بقرب الماء، والطيور التي تحذرنا من وجود خطر قريب. الكون يتحدث بلغة يفهمها الجميع دون الحاجة إلى مترجم.

إن محاربة تيار الماء يعني الهلاك، والعصيان في الصحراء يعني الموت. هذه الحقائق ليست مجرد قواعد بيئية، بل هي تعبيرات عن قوانين الكون الأساسية. أحد هذه القوانين يظهر بوضوح في “قانون الجذب” الذي تم توضيحه في كتاب “السر”، والذي يؤكد أن التركيز على هدف معين يقربنا من تحقيقه. وفي “قانون الخيميائي”، نجد أن رغبتنا العميقة في شيء ما تجعلنا أكثر قربًا من روح العالم، مما يؤدي إلى تفاعل إيجابي مع الكون.

إن هذه العلاقة الروحية بين الإنسان والكون ليست حكرًا على البشر وحدهم. كل شيء على سطح الأرض يمتلك روحًا، سواء كان معدنًا، نباتًا، حيوانًا، أو حتى فكرة. تطهير النفس بالتواصل مع الكون هو أقوى علاج يمكن أن يقدم للنفس البشرية. عندما ننقي المعادن يظهر النفيس منها، وعندما نطهر أواني الكريستال نجد متعة أكبر في الشرب منها. هذه العملية الروحية تعزز من قدرتنا على الاتصال العميق بالكون.

في كتاب “الكيميائي” للكاتب باولو كويلو، نجد تأكيدًا على هذه الفكرة، حيث يتحدث عن أهمية تطهير النفس للتواصل مع الكون بشكل أعمق. يقول في الصفحة 95: “عندما نرغب في شيء من أعماق قلوبنا، نكون أكثر قربًا من روح العالم. إن لذلك قوة إيجابية، وهو لا يشكل امتيازًا للبشر فحسب، بل أن كل ما على سطح الأرض يملك روحًا.”

وفي القرآن الكريم، نجد نفس المفهوم يتجلى في الآية الكريمة من سورة الزمر (آية 21): “ألم ترَ أن الله أنزل من السماء ماءً فسلكه ينابيع في الأرض ثم يخرج به زرعًا مختلفًا ألوانه ثم يهيج فتراه مصفرًا ثم يجعله حطامًا، إن في ذلك لذكرى لأولي الألباب.”

هذه الآية تعكس دورة الحياة على الأرض، من ميلاد إلى نمو وازدهار، ثم شيخوخة وموت.

الماء، سر الحياة، هو هبة من الرحمن، لا تقتصر أهميته على الإنسان وحده، بل تمتد إلى الحيوان والنبات وكل مظاهر الحياة على الأرض. هل حافظنا على هذه الهبة؟ هل أدركنا أهمية حماية البيئة والحفاظ على توازن الطبيعة؟ إن الحياة على هذا الكوكب، بما فيها الإنسان والطبيعة، هي وحدة متكاملة تتناغم مع بعضها البعض.

الآن، ونحن نواجه تحديات بيئية تهدد مستقبل الأرض، يجب علينا أن ندرك مسؤوليتنا في الحفاظ على هذا الكون الحي. حياة الإنسان والطبيعة والكوكب كلها متصلة بخالق واحد، والحياة واحدة، والقيادة واحدة. هل فهمنا ذلك؟ وهل قمنا بأداء الأمانة التي نحملها في صيانة وحفظ النفس والبيئة؟

الآن هو الوقت للتفكير والتصرف قبل فوات الأوان.

تحياتي،

د. إيمان أبو المحاسن

31 أغسطس 2024

لمزيد من المقالات اضغط هنا