التعليم المبني على العقل
آخر لقاء ضمن برنامج اعداد المدربين، دار حوار شيق حول أن أصول العلوم الحديثة تعود في جذورها إلى ما وصل إليه علماء العرب والمسلمين. وقد قام الغرب بتطوير هذه العلوم وتحسينها، دون الإشارة إلى المرجعية الإسلامية والعربية. وعند إعادة قراءة هذه الحقيقة، يبرز التساؤل: لماذا لا نعيد العلوم إلى أصولها أثناء قراءتنا للكتب؟
هذه دعوة من اجياد للتدريب والاستشارات لربط الحديث بالقديم، وإحياء التراث العلمي العربي والإسلامي، وتسليط الضوء على الأسبقية العلمية التي حققها أجدادنا. تهدف هذه الدعوة إلى تقديم قدوات حقيقية لشبابنا، وتعزيز الثقة بأننا كنا – وسنظل – في مقدمة الركب بفضل الله، ثم بالتطوير والتحسين المستمر.
على سبيل المثال، كتاب “العقل البشري والتعلم البشري” (Human Brain and Human Learning) للمؤلف ليزلي أ. هارت (Leslie A. Hart)، يتناول كيفية تأثير بنية الدماغ ووظائفه على عملية التعلم. يقدم الكتاب شرحًا معمقًا لبيولوجيا التعلم وعلاقتها بالممارسات التعليمية، مما يساعد في تحقيق إصلاحات تعليمية حقيقية. نُشر الكتاب لأول مرة عام 1983 من قبل مجموعة لونجمان للنشر، ويُعد مرجعًا أساسيًا في هذا المجال.
عند البحث والتدقيق، نجد أن المسلمين في عصر النهضة كانوا سباقين في تطبيق مبادئ مشابهة لما يُطرح اليوم في الأبحاث الحديثة. فالتعليم الإسلامي في العصور الذهبية اعتمد على عدة محاور رئيسية:
التعلم الشمولي والتكاملي (Holistic Learning):
جمع العلماء المسلمون بين العلوم الشرعية والعقلية، مما يعكس فهماً عميقاً لطبيعة التعلم متعدد الأبعاد.
مثال: الإمام الغزالي في كتابه “إحياء علوم الدين” ناقش أهمية تناغم العلم مع القلب والعقل.
التجربة والتطبيق العملي (Experiential Learning):
اعتمد العلماء مثل ابن الهيثم والرازي على إجراء التجارب وتحليل النتائج، وهي طريقة تتوافق مع مفهوم التعلم عبر الممارسة.
استخدام التشويق والقصص في التعليم (Storytelling & Engagement):
استخدمت القصص القرآنية لتعزيز التفكير التحليلي، وهي منهجية تؤكد الدراسات الحديثة فعاليتها في بناء الروابط العصبية.
التعلم المستمر وتنوع الأساليب (Continuous and Multi-Sensory Learning):
اعتمدت المدارس الإسلامية على الحفظ والفهم المتكامل، مما يسهم في ترسيخ المعرفة طويلة الأمد.
التحفيز الذاتي والتأمل (Intrinsic Motivation & Reflection):
تم تحفيز المتعلمين داخليًا بربط التعلم بالقيم العليا مثل طلب العلم لوجه الله.
مراعاة الفروق الفردية في التعلم (Individualized Learning):
اعتمد المعلمون المسلمون أساليب تناسب القدرات المختلفة للطلاب، مما يعكس وعياً بمبادئ الذكاءات المتعددة.
كما يظهر لنا عند دراسة التعليم في الحضارة المصرية القديمة، أنهم طبقوا أساليب تتماشى مع الفهم العميق لآليات التعلم البشري، من خلال:
مراحل التعليم المنهجية:
قُسم التعليم إلى مراحل تناسب تطور القدرات العقلية للمتعلمين، بدءًا من الحروف والكتابة إلى التخصصات المتقدمة.
التعليم التطبيقي والتجريبي:
اعتمد المصريون على التعلم من خلال التطبيق، خاصة في مجالات الهندسة والطب والفلك.
استخدام القصص والنماذج التعليمية:
ساهمت القصص والأساطير في ترسيخ القيم والمفاهيم التعليمية بطريقة فعالة.
مراعاة الفروق الفردية:
منح الطلاب فرصة اختيار تخصصاتهم بناءً على ميولهم وقدراتهم.
التعلم المستمر والتقييم:
ركز المصريون على التعلم مدى الحياة والتقييم المستمر لتحسين الأداء.