إبداع في القيادة الكلية: دروس من سيرة النبي ﷺ والخلفاء الراشدين
القيادة الحقيقية تتطلب الحكمة، الرؤية، والإبداع في اتخاذ القرارات، وهو ما جسده النبي محمد ﷺ في قيادته للأمة الإسلامية، ثم تبعه الخلفاء الراشدون بمهاراتهم الفريدة في الإدارة والقيادة. ومن أبرز القصص التي تلهم القادة اليوم قصة الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه، الذي تميز بأسلوبه الفريد في الإدارة والقيادة الكلية.
عمر بن الخطاب والإبداع في القيادة
كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه نموذجًا للقيادة الحكيمة والفعالة، إذ أرسى نظامًا إداريًا متقدمًا في الدولة الإسلامية، واتبع نهجًا شاملاً لتحقيق العدالة والتنمية المستدامة. ومن أبرز مواقفه التي تعكس الإبداع في القيادة:
تصميم الرؤية المستقبلية: وضع عمر بن الخطاب نظامًا إداريًا جديدًا للدولة الإسلامية، حيث أنشأ الدواوين لتنظيم العمل الحكومي، مثل ديوان العطاء وديوان الجند، ما ساعد في تحقيق الاستقرار الإداري.
خلق بيئة عمل إنسانية تحقق السعادة المؤسسية: كان قريبًا من رعيته، يستمع إليهم ويتفقد أحوالهم بنفسه، حتى إنه كان يسير ليلاً ليطمئن على حاجات الفقراء والمساكين.
تشجيع الإبداع في بيئة العمل: منح المسؤولين الصلاحيات الكافية لتطبيق الحلول المبتكرة، وشجع على تطوير نظم الحكم، مثل وضع التقويم الهجري كوسيلة لتنظيم شؤون الدولة.
دعم المواهب القيادية والإدارية: اختار الأكفأ للمناصب، وكان يختبر القادة قبل تعيينهم، ويحاسبهم بصرامة لضمان النزاهة والعدالة.
ترسيخ روح الفريق والقيم المجتمعية النبيلة: رسّخ مبدأ الشورى، حيث كان يستشير الصحابة في القرارات المهمة، مما ساعد على تحقيق انسجام داخل الدولة.
الاهتمام بإدارة الموارد البشرية والتدريب المستمر: كان حريصًا على تطوير مهارات القادة العسكريين والإداريين، ما ساهم في توسع الدولة الإسلامية بشكل منظم.
إطلاق مبادرات تحفيز الذات والتطوير المستمر: شجع الناس على تطوير أنفسهم، وكان يقول: “حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا”، وهو مبدأ أساسي في التحسين المستمر.
المبادرة بحل المشكلات وتوثيق النتائج: كان يسارع إلى حل المشكلات، مثل سن قوانين اقتصادية جديدة خلال عام الرمادة لمواجهة المجاعة.
دعم التكنولوجيا المتاحة في عصره: أدخل نظمًا جديدة للحسابات وتوثيق العقود، ما عزز النظام الإداري في الدولة.
تبني الجودة الشاملة والتحسين المستمر: لم يكتفِ بإصلاحات جزئية، بل وضع أنظمة تسهم في تحسين الإدارة بشكل دائم.
تطبيق الإدارة الكلية في المؤسسات: كان ينسق بين مختلف القطاعات في الدولة، من خلال مراقبة الولاة والتأكد من تنفيذ سياسات الدولة بفعالية.
اهم صفات القيادة
https://www.youtube.com/shorts/EmVvmddnD58
القيادة الكلية والتنمية المستدامة
في سياق التطوير الإداري الحديث، تناول د. عاصم خشبة في مقالاته على مدونة أجياد مفهوم “القيادة الكلية” كإطار شامل لتحقيق الإبداع الإداري والاستدامة المؤسسية، حيث ركز على ضرورة تمكين القادة من أدوات التفكير الاستراتيجي والتحليل العميق لتصميم رؤى مستقبلية تتناسب مع تطورات العصر.
كما قدم د. محمد أبو المحاسن رؤى مهمة حول “التنمية المستدامة والمسؤولية المجتمعية”، حيث أكد على دور القادة في ترسيخ بيئات عمل تدعم الإبداع، وتتبنى ممارسات أخلاقية تضمن تحقيق أهداف المؤسسات دون الإضرار بالمجتمع أو البيئة.
نحو نهج قيادي مستدام
من خلال هذه المبادئ، نستطيع الاستفادة من قيم القيادة الكلية والإدارة الأخلاقية بالموارد المتاحة، ودعم التطور القيادي والإداري في الوطن العربي والإسلامي والعالم أجمع. فكما أن عمر بن الخطاب كان نموذجًا للحكمة والمرونة في القيادة، فإن عصرنا الحالي يتطلب قادة يجمعون بين القيم الأصيلة وأحدث التقنيات الإدارية لتحقيق الاستدامة والتطور.
القيادة الكلية و الثقوب السوداء
https://bit.ly/41rLlTb
المراجع:
ابن هشام، “السيرة النبوية”.
الذهبي، “سير أعلام النبلاء”.
البخاري ومسلم، “صحيحي البخاري ومسلم”.
د. عصام خشبة “تعريف القيادة الكلية”، مدونة أجياد.
د.محمد أبو المحاسن “التنمية المستدامة والمسؤولية المجتمعية”، مدونة أجياد.
تحياتي،
د. إيمان أبو المحاسن
