Engineer Dr. Mohamed Kamal Ismail

المهندس الدكتور محمد بك كمال إسماعيل

 أستاذ الأجيال الذي أشرف على توسعة الحرمين وصمم دار القضاء

محمد (بك) كمال إسماعيل (13 سبتمبر 1908 – 2 أغسطس 2008) هو دكتور مهندس مصري، من أبرز أعماله توسيع للمسجد الحرام والمسجد النبوي، كان الملك فهد بن عبد العزيز هو الذي اختاره لهذا العمل الجليل، بعد أن اطلع على مجموعة المجلدات النادرة التي أصدرها قبل 60 عاما تحت عنوان موسوعة مساجد مصر. يلقب بأستاذ الأجيال.

ولد محمد كمال إسماعيل في الدقهلية حيث درس في مدرسة المدينة الابتدائية مبدياً تفوقاً ونبوغاً لافتا للأنظار. بعدها انتقلت أسرته إلى مدينة الإسكندرية ليضعوا ترحالهم بها وليزداد إحساسه بالجمال فيها عمقاً كما كان يقول، وهناك بجوار البحر المتوسط، والثروة المعمارية ذات الملامح الأوروبية للمدينة، أنهي تعليمه الثانوي في مدرسة العباسية، ليكون القرار بعدها بالتوجه لقاهرة المعز للالتحاق بجامعتها «فؤاد الأول»، ودراسة الهندسة بها.

بعد حصوله علي بكالوريوس الهندسة من جامعة فؤاد الأول في مطلع ثلاثينيات القرن الماضي، سافر المهندس محمد كمال إسماعيل إلي فرنسا للحصول علي الدكتوراة التي حصل عليها للمرة الأولي في العمارة من مدرسة بوزال عام 1933، ليكون بذلك أصغر من يحمل لقب دكتور في الهندسة، تلاها بعدها بسنوات قليلة بدرجة دكتوراة أخرى في الإنشاءات وليعود إلي مصر ويلتحق بالعمل في مصلحة المباني الأميرية التي شغل منصب مديرها في العام 1948، كانت المصلحة وقتها تشرف علي بناء وصيانة جميع المباني والمصالح الحكومية، لتصمم يداه العديد من الهيئات ومنها دار القضاء العالي، مصلحة التليفونات، مجمع المصالح الحكومية الشهير بمجمع التحرير الذي أنشئ عام 1951 بتكلفة 200 ألف جنيه بالنسبة للإنشاءات، ومليون جنيه، بالنسبة للمباني التي بلغ ارتفاعها 14 طابقا،

قصته مع الحرمين الشريفين

هذا العبقري له قصه رائعة مع رخام الحرم حيث أنه أراد وضع رخام في أرضية الحرم للطائفين و أن هذا النوع من الرخام الذي يدعى تاسوس
لا يوجد إلا في اليونان
وهذا البلاط تاسوس من خاصيته أنه في الليل يمتص الرطوبة عبر مسام دقيقة وفي النهار يقوم بإخراج ما امتصه في الليل مما يجعله دائم البرودة في عز الحر
وقد تم وضع قطع بسمك 5 سنتمتر لزيادة امتصاص الرطوبة
وجعله أكثر برودة في لهيب الحر أما ما شاع بأن هناك مواسير مياه باردة تحت الساحة فهو لا أساس له من الصحة
كان هذا الرخام موجود في جبل صغير باليونان
ذهب المهندس محمد كمال لليونان وتعاقد على شراء الكمية الكافية للحرم وكانت نصف الكميه الموجودة تماماً تعاقد وعاد وجاء بالرخام الأبيض
وتم فعلا وضع الرخام في كل أرضية الحرم المكي
تمر السنوات وبعد خمسة عشر عاما تطلب الحكومة السعودية منه وضع نفس نوع الرخام في الحرم النبوي بالمدينة المنورة
يقول المهندس محمد كمال : عندما طلب مني مكتب الملك
تغطية الحرم النبوي خفت جدا فلا يوجد على الأرض برحابتها من هذا النوع من الرخام إلا في منطقه صغيره باليونان
وأنا اشتريت نصف الكمية وهي كمية بسيطة جدا
قال : ذهبت لنفس الشركة باليونان وطلبت مقابلة رئيس مجلس إدارتها
وسألته عن الكمية  المتبقية فقال لي لقد تم بيعها بعدك مباشرة ..

يقول: حزنت كما لم أحزن في حياتي، حتى أني لم أشرب قهوتي وغادرت المكتب، وحجزت على طيارة اليوم التالي للعودة .

عندما خرجت من مكتب رئيس الشركة وجدت السكرتيرة فسألتها ولا أعلم لماذا : من اشتري الكمية المتبقية ؟
قالت لي : هذا أمر مر عليه سنوات طويلة ويصعب الرجوع للمشتري
قلت لها : مازال أمامي يوم في اليونان أرجوكي ابحثي وهذا رقم تليفون فندقي تركت الرقم وذهبت وأنا حزين
يقول : بعدما خرجت سألت نفسي لماذا تريد معرفة من المشتري ؟
يقول المهندس العبقري قلت لنفسي : لعل الله يحدث أمرا
في اليوم التالي وقبل ساعات قليلة من ذهابي للمطار
وجدت السكرتيرة تتصل بي وتقول :
تعال إلى الشركة فعندنا عنوان المشتري
ذهبت متباطئاً متسائلاً :
ماذا أفعل بعنوان من اشترى
كان عندي بعض الساعات المتبقية على السفر
فذهبت مره أخرى للشركة وقابلت السكرتيرة
فأعطتني عنوان الشركة التي اشترت الرخام
يقول الدكتور المهندس :
خفق قلبي بشدة عندما وجدت المشتري شركة سعودية. طرت مباشرة إلى السعودية ثم من المطار إلى الشركة التي اشترت الرخام
ودخلت على رئيس مجلس إدارتها وسألته :
ماذا فعلت بالرخام الذي اشتريته منذ سنوات من اليونان ؟؟
قال : لا أذكر اتصل بالمخازن وسألهم عن الرخام الأبيض اليوناني
فقالوا له : كل الكمية موجودة كما هي في المخازن
يقول المهندس محمد كمال : بكيت كالطفل
وسألني صاحب الشركة : لماذا تبكي.؟؟؟
حكيت له القصة كاملة
وقلت له هنا شيك على بياض اكتب المبلغ الذي تريده
قال : والله الذي لا إله إلا هو صاحب الشركة عندما علم أن الرخام للحرم النبوي قال :لا أخذ درهماً واحداً  الرخام كله في سبيل الله
وإنما أنساني الله الرخام في المخازن بعد أن جعلني أشتريه
ليكون هنا لهذه المهمة فسبحان الله الذي خلق هذا الجبل

هذه هي قصة المهندس المعماري العبقري
الدكتور محمد كمال إسماعيل مع رخام أرضية الحرمين الشريفين.

كما أنه رحمة الله تعالي عليه رفض أخذ الملايين مقابل عمله هذا، رغم محاولات الملك فهد – رحمه الله – والقائمين على إعمار الحرمين.

رحم الله المهندس الدكتور محمد كمال إسماعيل
وأسكنه فسيح جناته اللهم ارزقنا زيارة بيتك الحرام

تحياتي

فاطمة حمدي

للمزيد من المقالات اضغط هنا