How do the ordinary turn into tools of evil? The secret of the “banality of evil”

كيف يتحول العاديون إلى أدوات للشر؟ سر “تفاهة الشر”

عندما نسمع عن شخص ارتكب جريمة بشعة، أول ما يتبادر إلى أذهاننا أنه بالتأكيد مجنون أو شيطان. لكن الفيلسوفة الألمانية حنة آرندت قدمت منظورًا مختلفًا تمامًا حول هذا الأمر. آرندت طرحت فكرة “تفاهة الشر” التي تفيد بأن كثيرًا من الأفعال الشريرة لا تصدر عن أشخاص أشرار بطبيعتهم أو يحملون حقدًا دفينًا ضد البشرية، بل عن أفراد عاديين تمامًا.

كيف يمكن لشخص عادي أن يرتكب أفعالًا شريرة؟

حنة آرندت توصلت إلى هذا الاستنتاج أثناء تغطيتها لمحاكمة أدولف أيخمان، أحد كبار المسؤولين في النظام النازي. ما أدهشها هو أنها لم تجد أمامها وحشًا مخيفًا أو شخصًا يفيض بالكراهية، بل رجلًا عاديًا للغاية، يدافع عن نفسه بالقول إنه كان فقط ينفذ الأوامر.

ما الذي جعل آرندت تطرح هذه النظرية؟

البيروقراطية: الأنظمة الكبيرة مثل المؤسسات العسكرية أو الحكومية يمكن أن تخلق بيئة تفصل بين الفرد ونتائج أفعاله. الموظف قد يرى نفسه مجرد ترس صغير في آلة ضخمة، وبالتالي لا يشعر بالمسؤولية المباشرة.

الخوف: الخوف من فقدان الوظيفة أو التعرض للعقاب يمكن أن يدفع الأشخاص للقيام بأعمال ضد ضمائرهم.

غياب التفكير: كثير من الأشخاص لا يتوقفون للتفكير في عواقب أفعالهم، بل يركزون فقط على تنفيذ الأوامر أو أداء المهام المطلوبة منهم.

لماذا تعتبر هذه النظرية مهمة؟

فهم أعمق للشر: تساعدنا هذه النظرية على فهم أن الشر ليس دائمًا ناتجًا عن شخصيات شريرة بالمعنى التقليدي، بل قد يكون نتيجة ظروف أو بيئات معينة.

التحذير من السلطة المطلقة: تسلط النظرية الضوء على مخاطر الأنظمة التي تمنح السلطة المطلقة لأفراد أو مجموعات، وكيف يمكن أن تتحول هذه السلطة إلى أداة لارتكاب الشر.

تعزيز المسؤولية الفردية: تذكرنا النظرية بأهمية تحمل كل شخص لمسؤوليته الفردية، حتى في ظل الضغوط أو الأوامر.

هل يعني هذا أن كل الناس معرضون لفعل الشر؟

ليس بالضرورة. ولكن النظرية تشير إلى أن الظروف يمكن أن تدفع أشخاصًا عاديين إلى ارتكاب أفعال شريرة. لهذا من الضروري أن نكون دائمًا على وعي بمسؤولياتنا وألا نسمح للظروف أو الضغوط أن تسلبنا إنسانيتنا.

الخلاصة

نظرية “تفاهة الشر” تقدم منظورًا مختلفًا لفهم أسباب الشر، وتدعونا للتفكير بعمق في دورنا كأفراد في مقاومته. إنها تذكرنا بأن الشر قد لا يكون دائمًا نتيجة نوايا خبيثة، بل أحيانًا نتيجة غياب التفكير أو الخضوع للسلطة دون وعي. في النهاية، كل منا يتحمل مسؤولية أفعاله، بغض النظر عن الظروف المحيطة.

مع تحياتي
عبد العزيز العامري

للمزيد من المقالات اضغط هنا
شهيد البلكونة