أمهات صنعن أمجادا
هل سمعت عن الإمام أحمد بن حنبل
ولد الإمام أحمد في آخر القرن الثاني، وعاش في بيت فقير.. مات أبوه وهو طفل فتكفلت أمه بتربيته..
قال عنها أحمد:”حفظتني أمي القرآن وعمري عشر سنوات”.. فحفظ كتاب الله، ورعته والدته حق الرعاية..
ويذكر الإمام أحمد ما كان تفعله أمه معه، وجهادها في سبيل أن يتعلم العلم، فقد كانت رحمها الله توقظه وتجهز له الماء قبل صلاة الفجر وهو ابن عشر سنوات، ثم كانت تتخمر وتتغطى بحجابها وتذهب معه إلى المسجد لأنه بعيد، قال: فلما بلغت السادسة عشرة من عمري قالت لي أمي اذهب في طلب الحديث؛ فإن السفر في طلب الحديث هجرة إلى الله الواحد الأحد. وأعطتني متاع السفر عشرة أرغفة شعير ووضعت معها صرة ملح، وقالت يا بني إن الله إذا استودع شيئًا لا يضيعه أبدًا فاستودعك الله الذي لا تضيع ودائعه.
وأيضا الإمام البخاري
ولد الإمام البخاري رحمه الله ببلد بخارى مات أبوه وهو صغير فكفلته أمه وأحسنت تربيته، ذهبت عيناه في صغره فصبرت معه حتى استجاب الله لدعائها ورد عليها بصره.
وكانت أمه كثيرة الدعاء والبكاء عليه، ربته أمه أحسن تربية كانت تذهب به للمسجد وكانت ترسله للعلماء وحلقات العلم.
وكان الإمام البخارى نحيف الجسم ليس بالطويل ولا بالقصير.. كان زاهدًا في الدنيا ورث من أبيه مالاً كثيرًا فكان يتصدق به.. وكان قليل الأكل جدا وربما كان يأتي عليه نهار ولا يأكل فيه.. وكان عزيز النفس عفيفًا زاهدًا عف اللسان نبيل الشعور شديد الورع، ومما يدل على ذلك قوله: ما اغتبت أحدًا قط منذ علمت أن الغيبة حرام. وكان يقول إنى لأرجو أن ألقى الله ولا يحاسبني أنى اغتبت أحدًا.
الإمام الشافعي
مات والده بعد ولادة الامام الشافعي بزمن قصير، فنشأ الشافعي يتيمًا، وأصبح مصيره مرتبطًا بتصرف أمه
وكانت والدة الشافعي ذات حذق وذكاء وتفقه في الدين وقوة عارضة وقدرة على الاستنباط، ودليل ذلك أنها تقدمت هي وامرأة أخرى مع رجل للإدلاء بشهادة أمام قاض فأراد القاضي أن يفرق بين المرأتين، ولكن والدة الشافعي المتصفة بما أسلفنا من شمائل اعترضت على القاضي قائلة: ليس لك ذلك لأن الله سبحانه وتعالى يقول {أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى} فأسقط في يد القاضي وانصاع لقولها.
ارتحلت به حين بلغ عامين من عمره من غزة- مسقط رأسه- إلى مكة؛ حيث العلم والفضل، وحيث البادية حولها والتي فيها يقوم لسان الغلام وتصح لغته.. وكان الشافعي- رحمه الله- هو ثمرة جهود تلك المرأة الفاضلة.
الإمام مالك
دفعته أمه لحفظ القرآن الكريم فحفظه وأرسلته إلى مجالس العلماء..
ألبسته أمه أحسن الثياب وعممته، ثم قالت له اذهب فاكتب الآن. ولم تكتف أمه بالعناية بمظهره بل كانت تختار له ما يأخذه عن العلماء.. فقد كانت تقول له: اذهب إلى ربيعة فتعلم من أدبه قبل علمه.
وقد وصل الحال بالإمام مالك، في سبيل طلب العلم، أن نقض سقف بيته، فباع خشبه، واجتهد في طلب العلم وثابر، حتى ليصدق فيه قوله النبي صلى الله عليه وسلم: “يُوشِكُ أَن يَضْرِبَ النَّاسُ أَكبَادَ الإِبِلِ يَطلُبُونَ العِلمَ فَلاَ يَجِدُونَ أَحَدًا أَعلَمَ مِن عَالِمِ المَدِينَةِ” (رواه الترمذي وقَالَ هذا حَدِيثٌ حَسَنٌ).. وقال الشافعي: إذا ذُكر العلماء فمالك النجم.
سفيان الثوري رحمه الله، أمير المؤمنين بالحديث وسيد من عظماء التابعين قالت له تلك المقولة العظيمة: (يا بني، اطلب العلم وأنا أكفيك بمغزلي هذا)
لو بحثنا اكثر لوجدنا الكثير والكثير من أمهات صنعن أمجادا على مر التاريخ اديسون مخترع الكهرباء وغيره كثيرون ربائب نساء
لم تكن تربية الأم يوما عيبا ولا منقصة فالأم وصية الكتب السماوية فعن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إنما النساءُ شقائق الرجال) رواه أبو داود. ومعنى (شقائق الرجال) كما قال ابن منظور والمناوي أنها نظائر الرجال وأمثالهم في الأخلاق والطباع والأحكام. وقال الطيبي: “أي نظائرهم في الخَلق والطباع، كأنهن شققن منهم”
فاطمة حمدي