على غرار قُل ولا تَقل، نبدأ مقالنا بـ: قل جريمة رقمية Digital Crimeولا تقل جريمة إلكترويةElectronic Crime ، لماذا؟ لأنه لا توجد مصطلحات إلا وُضِعت بعد دراسة ووفق أسس. وهنا، فإنني أأصل للجريمة الرقمية، حسب مفهومها الأصلي الحقيقي، فليس لها مسمى آخر.
فمثلًا الراديو، سُمى وفق أصوله Wireless Waves أي الموجات اللاسلكية أي تلك الاتصالات الهاتفية أو التليفونية التي تتم دون توصيل سلكي أو أسلاك. ولما بدأت كانت محلية Local أي داخل الدولة الواحدة، ثم أصبحت دولية World ، عبر وصلات سلكية. فهل تغير مسماها؟ لا لم يتغير.
نأتي للجريمة الرقمية، والتي تسمى (محليًّا ودوليًّا)، من غير أسس، بالجرائم الإلكترونية، وتسمى السيبرانية أي الفراغية، وتسمى الجرائم المعلوماتية، وتسمى الجرائم الإنترنتية. من غير أصول.
فأصل التسمية الإلكتروني أو الإلكترونية آت من الكهرباء، مثلما توصيل الكهرباء للثلاجة والغسالة والكمبيوتر والموبايل( الجوال)، أي نظام التسمية بالإلكتروني هو “الأون” و”الأوف”؛ أي On توصيل( تشغيل)، و Off قطع( وقف أو عدم التشغيل، لا أكثر ولا أقل.
أما التسمية بالجريمة الرقمية فآت- وفق الأصول- من النظام الرقمي الثنائي أو الـ Binary System وهو الصفر والواحد(0،1)، أو الـ One ، الـ Zero ( 1،0). وهو نظام لوغاريتمي Logarithm أو Algorithm مُعَقَّد، وضع أسسه العالم محمد بن موسى الخوارزمي( قيل أنه ولدعام 164 هـ ( 781م)، وهو مجموعة من المعادلات الرياضية المعقدة، الرائعة عند التعامل معها، والتي منها علم التشفير للصوت والصورة والكتابة. فعند التشفير تتحول إلى الصفر والواحد، وعند فك التشفير تتحول إلى صوت وصورة وكتابة.
مما سبق نقول: إن الجريمة الرقمية هي الجريمة التي تُرتكب بواسطة الحاسب الآلي أو الكمبيوتر Computer أو تقع عليه، ولا يهم إن كان الكمبيوتر عبر اتصال دولي فراغي أو سيبراني أو محلي لا صلة له بالدولية. فقبل الشبكة العنكبوتية الدولية أو الإنترنت Internet كانت قد ارتكبت جرائم رقمية كالتزييف والتزوير بالكمبيوتر، قبل عام 1996م، والتي أسميناها في كتاب صادر لنا في ذلك العام، بجريمة (التزويريوتر أو التزويوتر). حيث كانت الجريمة تكمن في وجود الأدلة الرقمية بملفات مخزنة داخل الحاسب، ومستخرج منها عملات أو مستندات مطبوعة بالطابعات المضبوطة. ومثل هذه الجرائم هي جرائم رقمية يقينية. ولكن توجد حالات كثيرة لا تكون فيها الجرائم الرقمية يقينية، كما هو حال استعمال رقم موبايل/ جوال إنسان بريء في واتساب شخص عدو لآخر، وإرسال رسائل سب وقذف باسمه ورقمه عبر تطبيق الواتسآب WhatsAppللتواصل الاجتماعي.
مما يلفت النظر أن عدة دول عربية وأجنبية اعترفت بالأدلة الرقمية Digital Evidences، وتعود وترجع لتقول الجريمة الإلكترونية Electronic Crime؟ّ!! وفي إطارها نذكر الأدلة الرقمية الشرعية (القانونية الخادمة للعدالة) Digital Forensics ، والتي تترجم جوجليًّا بالخطأ( الطب الشرعي). ومما لم يلفت انتباه أساتذة العلم والمشرفين على الرسائل الجامعية بهذا الخصوص؛ فقد ظهرت في الرسائل وعناوينها باسم الطب الشرعي، والطب الشرعي له معنى وترجمة أخرى( Forensic Medicine).
هذا، وفي إطار الجريمة الرقمية والأدلة الرقمية، فقد كان لنا السبق في تأليف مؤلف (سجل كبراءة اختراع بوزارة الثقافة عام 2005م) باسم (المحكمة الرقمية ” مفهومها ومقوماتها”)، وهي محكمة تقاضٍ، وليس محكمة إجراءات. وكانت فلسفتها تقوم على مسمى القاضي الرقمي، والمحقق الرقمي، والدفاع الرقمي. وهي تقوم على فهم الجميع للجريمة الرقمية ،ومصطلحاتها والأدلة الرقمية. ومعرفة الجميع للحاسب الآلي واستخداماته وأماكن تخزين الأدلة، وكيفية استخراجها كأدلة يقينية؛ يرتاح لها القاضي فيحكم باطمئنان.
هذا وفي الختام نقول: يجوز استخدام تعبير عبر السيبرانية؛ أي:” الجرائم الرقمية عبر السيبرانية”، نظرًا للمشاكل الدولية للجرائم واختلاف القوانين العقابية والتجريم بين الدول.